كلمة المحرر

 

 

قضيتان تشغلان اليوم بال المسلمين في العالم

 

 

 

 

 

 

        المسلمون في العالم يواجهون قضايا إثر قضايا، ولاتنتهي قضيةٌ إلاّ إلى قضيّة. والأعداء اليوم خطّطوا لئلا يَدَعُوا المسلمين يتفرغون للتقدّم في الدين والدنيا، وذلك من خلال إثارة قضايا ةمشكلات لا حدَّ لها ولا عدَّ، وفتح جبهات كثيرة تتوزع عليها طاقات وقوى المسلمين الفكريّة والعمليّة. والقضايا اليوم منها ما هو قديم ومنها ما هو مستجد، وقد تصدّرت اليوم جميعَ القضايا قضيتان صارتا على رأس القائمة، وهما: القضية الفلسطينية التي هي قديمة وجديدة معاً؛ لأنها ظلّت ولا تزال وستظل مالم تُحَلَّ على مستوى رغبة المسلمين الصادقة تستقطب اهتمامَ المسلمين في العالم، وظلت ولا تزال الهمّ الأكبر والشغل الشاغل لهم. وعادت هذه الأيامَ أشدّ استقطاباً لاهتمامهم؛ لأن التصعيد الصهيوني في شأنها ارتفع للغاية على المستويات كافة في الأوضاع التي أوجدتها الصهاينةُ في العالم اليوم بتسخير العالم الغربي الصهيوني واستعباده المنقطع النظير، ولاسيّما أمريكا التي أرغمتها على خوض حرب غير تقليدية ضدّما سمَّته «الإرهاب الإسلامي» وقد خطّطت الصهيونية لذلك منذ وقت طويل، وانطلقت إلى تنفيذ مُخططها من تفجير مبنى التجارة العالمية في أمريكا وتحميل مسؤولية التفجير المسلمين، ومن اضطرار أمريكا إلى شنّ حرب شاملة ضد الإسلام والمسلمين على المستويات كافة وفي العالم كله حتى في عقر ديار الإسلام، وإلى ملاحقة المسلمين ولاسيما الملتزمين في كل مكان.

     إن الصهيونية قد أوجدت من خلال ذلك فرصة مواتية لتحقيق مطامعها التوسعيّة المشتركة مع الصليبية أو المنفردة منها، ولاسيّما احتلال ما تبقّى من أراضي الفلسطينيين بنزع ملكيتهم منها بالقوة وتشريدهم ولاسيّما في مدينة القدس بهدف تهويدها كاملاً، وإقامة مستوطنات يهودية عليها ولاسيّما في المنطقة المتصلة بحرم المسجد الأقصى المبارك. وكذلك تصعيد عمليات هدم المسجد الأقصى، ومداهمات الشرطة والقوات الصهيونية المسجد المبارك، ومنع المسلمين المتصل من أداء الصلاة فيه، ومحاولة توزيعه بين المسلمين والصهاينة على نحو ما صنعت مع المسجد الإبراهيمي في الخليل   وأداء الشباب اليهودي لطقوسه فيه من وقت لوقت، إلى جانب شن القوات الصهيونية هجمات متكررة دامية على غزة وتقتيل الفلسطينيين بالأسلحة الفتاكة دون تفريق بين الأعمار والجنس، واعتقالهم العشوائي حتى رجال القيادة الحماسيين وتعذيبهم الوحشي في السجون والمعتقلات. وذلك إلى جانب إبداء الوقاحة العديمة المثيل المتمثلة في التظاهر بالرغبة في المفاوضات السياسيّة والاتصالات الدبلوماسيّة ومسلسلات محادثات السلام الخداعيّة مع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية.

     وقضية المذبحة الحكومية في سوريا للشعب السوري التي تستمر منذ سنة كاملة منذ اندلاع الثورة الشعبيّة ضد قيادتها النصيرية العلوية البعثية الشيعيّة الشيوعيّة التي هي ممعنة في تقتيل الشعب السوري وتعذيبه بالأسلوب الذي تمارسه الصهاينة مع الفلسطينيين. ورغم كل المحاولات التي بذلتها القيادات العربية الرشيدة وعلى رأسها حكومة المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودول مجلس التعاون الخليجي وتلتها الجامعة العربية، لاتزال الحكومة السورية البعثية المُؤَيَّدَة من كل من إيران والصين وروسيا وحزب الله في لبنان، تمعن في إبادة الشعب واعتقاله وتشريده وتعذيبه دونما مخافة من الدول العربية أو المجتمع الدولي المتمثل في الأمم المتحدة المُسْتَعْبَدة من قبل أمريكا والصهيونية العالمية، الذي ظل ولايزال يبدي عدم جدّيته في شأن التعامل مع الأزمة السورية، وإنما ظل يتفرج عليها؛ لأن مصالحه لاتدعوه إلى العمل بالجدية في هذه القضية في هذا الوقت.

     كلتا القضيتين تركتا المسلمين في العالم يتقلبون على أحرّ من الجمر، ويتابعون الأوضاع بصددهما بغاية من القلق لحظة بلحظة، ويتضرعون إلى الله تعالى أن يمن عليهم بشأنهما بما يقرّ عيونهم ويثلج صدورهم، ويخذل ويذل ويدحر الظالمين والمغضوب عليهم والضالّين كلهم في كل مكان.

 [التحرير]

(تحريرًا في الساعة 10 من صباح يوم السبت : 23/ربيع الثاني 1433هـ الموافق 17/مارس 2012م)

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، جمادى الأولى – جمادى الثانية 1433 هـ = أبريل - مايو 2012م ، العدد : 5 - 6 ، السنة : 36